أنا أحلم أن أتناول ما أشتهي من الطعام وبكميات مفتوحة ومن ثم أتناول كبسولة أو حبة دواء وكأني لم أتناول شيئا ويا سلام لو كان هذا الدواء لا يسبب أية آثار جانبية, عندها سأستمتع بكل لقمة أتناولها بدون الشعور بذنب الإفراط في تناول الطعام.
يا له من حلم جميل لو تحقق.
نحن الأن في عام 2024 حيث بدأ المشاهير والمؤثرون يستخدمون حلولا لخسارة الوزن قد تبدو للوهلة الأولى بأنها آمنة وبدون أية آثار جانبية، وفي هذا الزمن الذي نعيش فيه، يكفي أن يشتري المشهور أو المؤثر شبشب (شحاط، أو مشاية) من ماركة معينة لينهال جمهوره بشراء ذات الشبشب بغية التشبه بذلك المشهور. وأنا لا زلت أذكر المذيعة الأميركية أوبرا وينفري التي كان يعرض برنامجها على قنواتنا العربية في بدايات العام 2004، حيث كانت أوبرا تظهر بشكل أسبوعي ويختلف شكلها من شهر لأخر، فكانت قد تظهر بدينة في شهر كانون الثاني وبعدها تظهر قد خسرت عشرة كيلو جرامات في شهر أذار، حيث كانت تتبع حميات غذائية قاسية جدا ومحددة بنوع واحد من الطعام، فمثلا كانت تتبع ريجيم البطاطا المسلوقة حيث تتناول هذا الطعام فقط ولفترات طويلة وبذلك تخسر وزنا وبسرعة، ولكن بعد عدة أشهر تعود أوبرا للظهور وهي قد اكتسبت ما خسرته من الوزن وفوقهم حبة مسك.
لطالما أظهرت أوبرا أنها ضد استخدام أدوية التنحيف فقد كانت في برنامجها الذي يمتد الأن لأكثر من عشرين سنة، دائما ما تروج لحميات مثل حمية البطاطا المسلوقة وحمية اتكنز (قليلة الكربوهيدرات) وتناولت أيضا حمية الكيتو (شديدة انخفاض الكربوهيدرات) والعديد العديد من الحميات التي كانت تروج لها خلالها مسيرتها المهنية.
مؤخرا وبسبب هجوم المشاهير واستخدامهم لأدوية البدانة واختلاف أشكالهم بين فترة وأخرى، بات أمر استخدام أدوية التنحيف هينا يسيرا كأنك تتناول بوبكورن. وغالبا لن تجد أحدا من المشاهير خرج ليقول بأن دواء التنحيف الفلاني لم يناسبه لأن هذا سيمثل هجوم على شركات الأدوية وقضايا تشهير وقصص يتم حلها في ساحات المحاكم، لذلك يلتزم المشهور بالصمت لكي لا يحدث جلبة وضجة هو بغنى عنها. ولا يمكن أن أتكلم عن أدوية التنحيف المنتشرة حاليا بدون الحديث عن إبر الأوزمبيك والويجوفي والمونجاروا، فهي الحل السحري الذي يشجع عليه الأطباء هذه الأيام وقد يكونوا محقين في توصياتهم.
إبر التنحيف تحتوي على هرمون (أو مشابه لهرمون) يتم إنتاجه بشكل طبيعي في أجسامنا وهذا الهرمون الطبيعي يسمى
الببتيد الشبيه بالجلوكاجون 1
glucagon-like peptide 1
يعمل هذا الهرمون على عدة خطوط لتنظيم الطاقة في الجسم سأذكر منها تأثيره على الوطاء وهو جزء من الدماغ يتحكم بالجوع والشبع في الجسم. فعندما تتناول أية غذاء يحتوي على كربوهيدرات (باستا) أو بروتينات (فول وحمص) أو دهون (زيت زيتون) ستقوم خلايا الأمعاء لديك بإنتاج هذا الهرمون بشكل طبيعي، ومن ثم سينتقل هذا الهرمون الذي تم إنتاجه من الأمعاء للدم، ومن ثم يذهب للوطاء في الدماغ ليكبح تناول الطعام (توجد طرق أخرى لن نناقشها هنا)، فلو حللنا هذا الكلام سيعني أنك يا سيدي تتناول سندويتش فلافل تحتوي على الدهون والكربوهيدرات والبروتينات وبسبب وجود هذه المغذيات سيتم انتاج هرموننا البطل وبذلك ستتوقف عن تناول الطعام.
هكذا المفروض أن يمشي السيناريو، بهذا الخط الدرامي السهل البسيط، ولكن الواقع مختلف، حيث تبين أنك بعد ِإنتاج هذا الهرمون في الأمعاء ومباشرة بعد انتقاله للدم يتم انتاج انزيم (مادة توقف عمله) وهكذا يتدمر حلم الشبع بشكل طبيعي.
شركات الأدوية استطاعت انتاج هذا الهرمون ووضعه في حقن يتم حقنها تحت الجلد بحيث لا يتم تفكيكها بذلك الأنزيم. وبالتالي سيذهب الهرمون للوطاء ويكبح الجوع (توجد طرق أخرى يعمل عليها الهرمون لم أقم بذكرها)، بدون تدخل ذلك الأنزيم الذي يخرب هرموننا الرائع.
يبدوا استخدام هذه الحقن منطقيا جدا وفعالا ولكن توجد بعض الملاحظات التي لا يمكن اغفالها وقد لا تكون لهذه اللحظة مدونة في بحث:
النقطة الأولى هي أن من استخدم هذه الأدوية قد خسر وزنا بشكل جيد وسريع ولكنه استعاد الوزن المفقود بعد التوقف عن استخدام الدواء (خلال ستة أشهر تقريبا)
النقطة الثانية هي أن من استخدم الدواء ولم يتبع توصيات التدرج في أخذه من تركيز منخفض لتركيز أعلى في مدة زمنية معينة قد يعاني من تلبكات معدية وآلام في الأمعاء نظرا لبقاء الطعام في معدته لمدة طويلة جدا بدون اتمام عملية الهضم.
النقطة الثالثة تغير مرونة الجلد وتوزع الدهون وخصوصا في الوجه حيث لوحظ أن من يستخدم الدواء يفقد وزنا بشكل مفاجىء وسريع ولا يمكن التحكم بكمية خسارة الدهون في الجسم من أية منطقة ولسبب ما يكون لدى البعض خسارة في دهون الوجه بشكل كبير، ولك أن تتخيل بالون قمت بنفخه على مدى سنوات طويلة ثم قمت بإفراغه فجأة من محتواه، بذلك لن يعود كما كان قبل التعبئة، وقد تم نشر بعض الأبحاث العلمية التي وضحتها في بودكاست تغذية بالعربي.
النقطة الرابعة والتي ستسبب جدلا واسعا بلا شك، هي أننا أصبحنا نشاهد حالات من نساء يتناولن أدوية منع حمل واستخدمن حقن التنحيف وتفاجأن بأنهن قد حملن.
والمدهش بشكل أكبر بالنسبة لي هي حالة مريضة لديها تكيس مبايض وعمرها 48 سنة وقد حملت علما أن تكيس المبايض لديها شديد جدا ولم يكتب لها الحمل خلال سنوات طويلة جدا.
شاركنا رأيك بما نقدمه.
المراجع العلمية